لماذا صورة المبتعث عند البعض سيئة؟

28 أكتوبر

“الضغط الإجتماعي يولد النفاق”- عبدالكريم البكار

لستُ بصدد الدفاع عن المبتعثين والمبتعثات، فهم ككل الناس فيهم الصالح والطالح. مايدهشني حقاً هو وجود فئة من المجتمع تهاجمهم وتفتش عن أخبارهم حتى إذا ماوقعت على خبر رديء راحت تنادي في الناس بأن ظنونها السيئة ،والتي قد حذرتهم منها مسبقاً، قد تأكدت. ولكن لم تنتشر أخبار المبتعثين السيئة؟

الإبتعاث -كما الشبكات الإجتماعية- كشف الغطاء عن الكثير من السعوديين، فما يرتكبه المبتعث هنا من آثام أو حماقات او حتى عادات غير مألوفة للمجتمع السعودي لا يرتكبها بسبب الإبتعاث-كما يدّعي البعض- وإنما لأن عاداته أو حماقاته تكون واضحة أمام الجميع، فهو لا يستطيع أن يُخفيها بطبيعة المكان “وإن خالها تُخفى على الناس.. تُعلمِ”، ولا بطبيعة الحال فهو مازال أجنبياً يلتزم بقوانين البلد، والتعامل مع الأجنبي ليس كالتعامل مع المواطن.

أذكر أن إحدى الأخوات كانت تقسم بأن 90٪ من المبتعثين “بطّالين”، فهي تفاجئت بما يفعله البعض وقامت بالتعميم لأن الشر يعمّ. وأخرى من جنسية عربية ادعت بأن كل السعوديون في المراقص.. أخبرتها بأن ماشاهدَتْه ببساطة هم السعوديون الذين يرتادون هذه الأماكن، فأنا أستطيع بدوري أن ادّعي أن كل السعوديون في المساجد لأنني قد أذهب هناك وأرى السعوديين الذين يرتادون المساجد.

والحقيقة أنه من يفعل القبائح أو الأمور التي تخالف العرف أو الدين خارج وطنه، يفعلها وهو في وطنه، ولكن النفاق الديني أو الإجتماعي يحولان دون إظهار هذه القبائح.

هناك قصة تفيد بأن أحد المبتعثين كانت لديه صديقة أمريكية شقراء تسكن معه، وقام بخطبة أحد السعوديات في السعودية ومازالت الشقراء تسكن معه، فما كان من أحد المبتعثين إلا وأن اتصل على أهل الخطيبة وأخبرهم بأمره بصفته فاعل للخير! تخيلوا لو حدثت هذه القصة في السعودية، فهل سيكون الأمر مماثلاً؟ بل هل سيكون هناك أصلاً احتمال لوقوعها بهذا الشكل؟ إحدى الزميلات علقت بأن التحري عن أخلاق المبتعث أمر أبسط بكثير من التحري عن أخلاق شخص في السعودية.

وليس الإبتعاث هو ما أفسد البعض، ولكنه أظهر طبيعة الكثيرين. فلا تستطيع امرأة أن تقول عن نفسها بأنها محجبة محافظة على حجابها وهي لم تجرب العيش إلا في السعودية ولُبس العباءة فيها أمر لازم، ولا يستطيع شخص أن يدّعي بأنه عفيف وهو في مجتمع محافظ لم يُمتحن. باختصار، لا يستطيع شخص أن يدّعي خلقاً وهو لم يعش في بيئة وزمان لا يحملان أسباب نواقضه.

وأخيراً “إِذَا قَالَ الرَّجُلُ: هَلَكَ النَّاسُ فَهُوَ أَهْلَكُهُمْ”- صحيح مسلم

5 تعليقات to “لماذا صورة المبتعث عند البعض سيئة؟”

  1. تالة 24 نوفمبر 2015 في 9:27 ص #

    مدونتك مميزة جدا وتعجبني طريقة سردك وطرحك للمواضيع
    الله يوفقك يارب

  2. Abdulrahman 25 جانفي 2016 في 12:43 ص #

    بارك الله فيك! اشعر بتواصل مع هذه التدوينة كوني كنت مبتعث و قرأت و رأيت اشياء مؤلمة تعمم علينا كمبتعثين. للاسف كأغلب شعوب العالم نحن اناس نستمتع بالاخبار “الدسمة” و “الفضائح” لاي شخص يفعل اي شيء. و كما ذكرتي ان الشبكات الاجتماعيه عملت تكبير و تضخيم لهذه الظاهره ليست لان هذه الافعال غير موجودة، بل فقط اصبح اسهل نشرها. ما يؤلم زيادة هو استغلال البعض لهذه الاخطاء الفرديه لايقاف برنامج الابتعاث فقط للتماشى مع اجندتهم و اهوائهم.

    هناك نقطة اخرى، و هو المبتعث الذي يعمل شي مختلف و ليس بالضرورة سيء او مخالف للدين، و يتم محاربته فقط لأنه مختلف عن “العادات و التقاليد” اللي اقرفوا اهلنا بتكرارها. نعم بدأ يحصل تقبل اكبر خصوصا من الفئات الشبابيه لكن لازال هناك تزمت ضخم ضد شخص بدأ يتصرف او يفكر او يتكلم بطريقة مختلفه.

  3. abrar 18 سبتمبر 2018 في 2:12 ص #

    مقال جميل ونظرا لتصرفات الطالبات في الخارج تغير فكر المجتمع عن المبتعثات وخاصة الخليجيات.

من فضلك, اترك ردا :)