الإستهتار

7 أوت

كلنا شاهدنا بعض الصور والفيديوهات للسياح الخليجيين|السعوديين في أوروبا وماسببوه من فوضى نشأت عن قيام مظاهرة صغيرة لسكان دولة أوروبية ضدهم. وقد كتبت في تدوينة سابقة عن نظافة السعوديين، إلا أنني أنهيتها بأنهم أنانيون تجاه النظافة، فهم يهتمون بالنظافة الشخصية وبنظافة منازلهم حتى إذا خرج الأمر عن حدود ممتلكاتهم لم يُلقوا له بالاً، وهذا مانراه في الحدائق والحمامات العامة. ألا يُعد هذا استهتاراً؟

والشيء بالشيء يٌذكر، شاهدت مسبقاً حلقة من برنامج إسترالي يعرض فيه بعض المخالفات القانونية التي يرتكبها السياح القادمون إلى استراليا، كأن يقوموا بجلب بعض الأشياء دون التصريح عنها. قد تكون أشياءاً عادية كالأطعمة مثلاً إلا أنها تصبح مُخالِفة للقوانين إذا لم يتم التصريح عنها، وفي التصريح عن الأطعمة والكشف عنها حفاظً على البيئة الإسترالية من مخاطر الأمراض والحشرات. وأبطال هذه الحلقة التي شاهدتها هم أسرة سعودية.

موظف المطار سأل ربُّ الأسرة السعودي مراراً ما إذا كان بنفسه قد ملأ إستمارة التصريح أم لا، فأجابه بالتأكيد. غير أن رب الأسرة قام بالإشارة فيها إلى أنه لم يجلب معه أي نوع من المنتجات الغذائية، وعندما قاموا بتفتيش أمتعتهم وجدوا العديد من أنواع الأطعمة. رب الأسرة هذا لم يقصد سوءاً إلا أنه أراد أن يستمتع بإجازته دون الإكتراث لقوانين البلد، ألا يُعدّ هذا استهتاراً بالقوانين؟

العديد من المبتعثين والمبتعثات يدركون بأن هناك ثقافة أمريكية مختلفة عنا ومنها ما يختص بالبخشيش، إلا أنهم يتركون المطعم دون أن يتركوا شيئاً – أو بضعة قروش- للنادل الذي يعتمد بشكل أساسي عليها. ألا يعد هذا استهتاراً بهذه الثقافة؟

ولكن لماذا هذا الإستهتار؟
قد تكون هذه الأسباب- بعضها أو جلها- هي التي تؤدي لإستهتار بعضنا:

الأنانية:
“راحتي هي الأهم”
مستوى الأنانية لدى الكثير من الناس مرتفع. ورغم أننا نردد حديث “لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه” إلا أن البعض يترجم هذا الحديث في الأمور الدينية فقط في نصائحه للفتيات بالحجاب وترك سماع الأغاني وغيرها حتى يُدخل غيره الجنة معه. أما في أمور الحياة كترك مواقف ذوي الإحتياجات الخاصة لهم، فيتصدر لنا شعار ”راحتي هي الأهم”.

إذا علمنا بأن الحكومات الغربية تمنع دخول بعضاً من المواد الغذائية كالحليب واللحوم إلى حدودها وذلك حرصاً على صحة أفرادها، وقام فلان بتجاهل ذلك لأنه يريد أن يأكل هو من هذا الطعام، فهذه أنانية. وإذا علمنا بأن تدخين الشيشة في غير أماكنها المخصصة تنافي الذوق العام، ولكن فلان لا يهتم بالرأي العام لأنه يريد أن يدخّن الشيشة أمام برج ايفيل ويرسل صورة لأصدقائه )في الوقت الذي لا يُسمح حتى للفرنسيين بالشواء في حدائقه)، فهذه أنانية. وعندما تستقطع جزءاً مهماً من وقتك لفلان الذي يصر على مقابلتك وتضرب له موعداً، ثم يتأخر في الإستيقاظ والإعداد ليأتيك متأخراً في الوقت الذي يناسبه هو، فهذه أنانية.

غياب الشعور بالمسؤولية:
مع الترف النسبي الذي يعيشه السعودي منذ ولادته، يجعل الكثير من المسؤوليات مُغيّبة عنه. فهناك الخادمة التي تُنظف المنزل، والعامل الذي يُلبي طلباته، وهناك الأم التي تجهز أغراضه، والأب الذي يدفع تكاليف دراسته وفواتيره ثم زواجه. فإذا سافر للخارج، ظن أن الجميع سيكون بخدمته، فلا يرفع ماتبقى من طعامه عن الطاولة، ولا يُلقي بالمهملات في السلة.

أمور حياتنا تسير بال”بركة”:
عندما لا تُبلي بلاءً حسناً في دراستك فلا تقلق، فسوف تُكلم فلاناً يستطيع أن يجلب لك وظيفة أو يُعينك في وظيفة يستحقها شخص آخر، فأمورك هذه تسير “بالبركة”. تستطيع أن تفعل الكثير من الأخطاء ولن يُلاحظها أحد; فلأقتل فلاناً لأني غاضب منه، ثم أدع أمر قصاصي وتجميع الدية يسيران بالبركة. ولأرمي القاذورات فلن يلاحظني ولم يضبطني أحد متلبساً من قبل، ولأُدخل ما اشتهيه من المواد الغذائية دون أن أُصرّح عنها ولأتلو “وجعلنا من بين أيديهم سداً ومن خلفهم سداً..”… عدم التفكر في العواقب بسبب الكسل صفة يمتاز بها الكثير.

الجهل: فترك باقي الطعام على الطاولة، وعدم التقيّد بالأنظمة المرورية من ربط حزام الأمان ووضع الطفل في كرسي مخصص له في السيارة، والتدخين في أماكن لاتسمح بالتدخين وغيرها من الأمور قد تكون ناشئة عن جهل بأنظمة البلاد المتحضرة. لكن من المؤسف أن يكون شخصاً ما قادر على تدبير سفرة كاملة إلى الخارج دون أن يطّلع على أنظمة وقوانين البلد المنطقية في الكثير من الأحيان، 

وختاماً، لا أحتاج أن أذكركم يا أصدقاء بأنه ليس كل السعوديون هكذا 🙂

4 تعليقات to “الإستهتار”

  1. lamaa94 7 أوت 2015 في 3:09 م #

    قام بإعادة تدوين هذه على lamaa94.

  2. هاني 8 أوت 2015 في 2:03 م #

    الاستهتار اصبح ثقافة في المجتمع خاصة في فئة الشباب، الاستهتار على الطرق على سبيل المثال يقتل يوميا ١٨ شخصا في شوارعنا حتى اصبحنا الدولة رقم ١ في نسبة الحوادث. الدول السياحية تعاني من هذه الفئة “المستهترة” و تقف مذهولة من مجموعة السياح التي تهبط على ارضهم و كأنهم كائنات فضائية. و الشيء الذي يدعو للتأمل قليلا هو ان ما رأيناه من استهتار بعض السياح حصل في دول لديها قوانين صارمة فيما يتعلق بالنظافة و حماية الحياة الفطرية فما بالكم بتلك التي هي اقل صرامة؟! الموضوع يحتاج الى اعادة نظر و حزم و دراسة لجذور المشكلة.

    و شكرا على التدوينة الرائعة

  3. hydeenote 9 أوت 2015 في 6:05 ص #

    قام بإعادة تدوين هذه على متاهة ~.

  4. أروى خشيم 10 أوت 2015 في 2:54 ص #

    يعطيكي العافية نجلاء 👍 الواقع مخجل للأسف

من فضلك, اترك ردا :)