ما هو الفالنتاين؟
يوم الفالنتاين أو يوم الحب، يوافق 14 فبراير من كل سنة، اسمه مقتبس من القديس المسيحي فالنتينوس.
الحكايات “السوداء” وراء شهر الحب:
قبل أن نحكي عن فالنتاين أو فالنتينوس ، علينا أن نفهم بعضاً من الأساطير والتي وردت بخصوص شهر فبراير والذي كان يُعد شهر الخصوبة كونه بداية الربيع:
فبرورا:
وهو احتفال قديم يأتي كل ربيع، يحتفلون به لتطهير المدينة من الأرواح الشريرة، وسُمّي بعد ذلك شهر باسمه، فبراير. وهو جزء من احتفالات تُدعى باللوبركيليا.
لوبركيليا:
احتفال روماني قديم أيضاً، كان يحتفل به من 13 فبراير إلى اليوم ال15 حتى تُطرد الأرواح الشريرة، ولذلك حتى يُسمح للعافية وللخصوبة بأن تنتشر في المدينة. وهو يُسمى بإحتفال التطهير.
أصل هذا الإحتفال كان لتخليد ذكرى لوبا (المُستئذبة التي كانت تُرضع الأخوة اليتامى رومولوس وريموس، مؤسسي روما حوالي 700 سنة قبل الميلاد)
كانوا يقومون بذبح كلب و ماعز تُقدّم كأضاحي، ثم يقومون بجلد النساء بإستخدام جلودها.
وفي هذه الإحتفالات، كان الرومان يثملون ويصبحون عرايا، وتقوم النساء بالإصطفاف في طوابير لجلد الرجال أيضاً إيماناً بأن الجَلد يجعلهم أكثر خصوبة.
كان لديهم لعبة يانصيب، يقوم الرجال بسحب أوراق كُتب عليها أسماء لنساء مشاركين في اللعبة، يصبحون بعدها أخلاّء طيلة فترة الإحتفالات، وممكن أن تطال خلّتهم إذا أحبوا بعضهم البعض.
إلى هنا نفهم بأن شهر فبراير كان شهراً تُقام فيه الإحتفالات المختلفة والغريبة إحتفالاً بقدوم موسم الربيع والذي يُعد موسم الخصوبة وطرد الأرواح الشريرة.
لكن ما قصة فالنتاين؟
هناك العديد من الأساطير التي تحكي قصص مختلفة عن القدّيس فالنتاين، عن شخص واحد يدعى بذلك، وعن أشخاص متعددين كانوا يُدعون بفالنتاين.
1-
اقتنع كلوديوس الثاني امبراطور روما في القرن الثالث ميلادي بنظرية أن الجنود الغير متزوجين يُبلون بلاءاً حسناً في الحروب أكثر من الجنود المتزوجين الذين يحملون هم زوجاتهم وأطفالهم، لذلك أصدر قانوناً يحرّم على الجنود الزواج. عندها قرر فالنتينوس – وكان وقتها واعظاً مسيحياً- بعقد الزواج للجنود في السر. وعندما علم كلوديوس الثاني بما يحصل، أمر بفالنتينوس فقُطعت رأسه، وأُطلق عليه لقب الشهيد فالنتاين.
2-
هناك قصص أخرى تزعم بأن فالنتينوس قُتل لحمايته للمسيحيين (في وقت كانت روما وثنية) ولمساعدته في الهروب من السجون الرومانية والتي كانوا يعذبون فيها. ويُقال أن فالنتينوس كان مسجوناً ووقع في غرام ابنة السجّان، فأرسل لها بطاقة عبر فيها عن حبه، ثم ختمها بقوله
your Valentine
مِلكُك: فالنتاين | أو فالنتاين الخاص بك
وبالمناسبة فإن هذه العبارة تُستخدم لهذا اليوم
ثم قُتل بعد ذلك، وغدا عند الكنيسة الكاثولكية شهيداً، وأصبحوا يحتفلون بيوم وفاته.
بعد ذلك، وفي القرن الخامس ميلادي، قام الإمبراطور غيلاسيوس الأول (وبعد أن تحولت روما من الوثنية إلى المسيحية، وأصبح أباطرة روما من المسيحيين) بدمج احتفالات اللوبريكاليا الوثنية مع الفالنتاين، ولذلك حتى يقوم بإزالة مظاهر الإحتفالات الوثنية كالعري.
من قام بإحياء هذا اليوم؟
شخصين من الأدباء:
1-
في القرن الرابع عشر ميلادي: الشاعر الإنجليزي شاوسر (الشهير بحكايات كانتربري)، ألف قصيدة شاعرية تُسمّى ب” طيور البرلمان”، إحتفالاً بخطوبة ملك إنجلترا رتشارد الثاني على آن، وفيه ذكر ليوم الفالنتاين.
2-
في القرن السادس عشر ميلادي: الشاعر والمسرحي شكسبير: في مسرحيته الكوميدية- الرومانسية: “سيّدان من مدينة فيرونا”. حيث استخدم اسم فالنتاين لدور البطل في المسرحية، ولكن القصة كانت مختلفة، وفيه أتت الجملة الشهيرة “إن الحب أعمى”.
ثم مسرحية الأمير الدانماركي “هاملت” حيث ذكر فيها يوم الفالنتاين، وفيه أتت الجملة الشهيرة أيضاً ” be your valentine”
أُصبح فالنتاين الخاص بك
وأيضاً في مسرحيته “حلم ليلة صيفية”، ذكر بأن في يوم الفالنتاين تضع الطيور بيضها، في إشارة للخصوبة.
لماذا يُحتفل في يوم 14 فبراير؟
لأن فالنتاين أو فالنتيونس قُتل في هذا اليوم.
كيف يُحتفل بالفالنتاين؟
يقوم المحتفلون بالفالنتاين بإرسال الكروت والتي يدونون فيها مشاعرهم، ثم يتبادلونها فيما بينهم. وتشير الإحصائيات لعام 2012 بأن المحتفلين بالفالنتاين صرفوا حوالي 17.6 مليار دولار على الكروت والهدايا من ضمنها المجوهرات والشوكولاتة وباقات الورد الحمراء!
لماذا تُزيّن الهدايا باللون الأحمر وتُختار الورود الحمراء، وتكون البطاقات باللون الأحمر ؟
هذا لأن اللون الأحمر يرمز للحب والعاطفة. هناك الكثير من البطاقات والهدايا والتي تكون باللون الوردي، ويرمز اللون الوردي إلى الصداقة والعاطفة أيضاً، فالفالنتاين هو لنشر الحب بين الأصدقاء.
لماذا القلب يرمز للحب؟ ولماذا القلب يتخذ رمزاً معيناً يختلف عن شكله الحقيقي في الواقع؟
(الصورة من قوقل)
أول رسمة ظهرت للقلب بشكله الحالي كانت في القرن الثالث عشر ميلادي، وهي تصوّر رجلاً يركع على ركبتيه ويحمل بين يديه قلباً -مقلوباً رأساً على عقب- ليسلمه إلى محبوبته. وبعدها توالت الرسمات التي تصور القلب على أنه شكل “صنوبري” ثم “صدفي” حتى في القرن الخامس عشر، عندما اُستخدم في لعبة الورق | الكوتشينة.
من هو كيوبيد؟
(الصورة من قوقل)
كيوبيد في الأساطير الرومانية والإغريقية هو إله الرغبة والحب والعاطفة، واسمه باللاتينية يعني الرغبة. وهو ابن الآلهة فينوس والتي سُمّي كوكب الزهرة (فينوس باللغة الإنجليزية) عليها، وابن لإله الحرب مارس الذي سُمي كوكب مارس|ميركوري (المريخ في اللغة العربية) وشهر مارس (مارش بالإنجليزية) عليه.
تُصوّر الأساطير كيوبيد على أنه طفل بجناحين يحمل قوساً ومجموعة من السهام. إحداها برأس ذهبي، والأخرى برأس حديدية. فمن يُصاب بالسهم ذو الرأس الذهبي يقع في حب الشخص الذي أمامه، ومن يصيبه السهم ذو الرأس الحديدي فإنه يُصاب بالنفور.
وبعض الحكايات تصوّره بأنه طفل أعمى، أو معصوب العينين كناية على أن الحب أعمى. أصبح كيوبيد رمزاً من رموز الحب في الحضارة الغربية.
بعض من قصص الحب الشهيرة:
“مساكينُ أهل العشق حتى قبورهم .. عليها تراب الذل بين المقابرِ”
روميو وجولييت:
قصة مسرحية شهيرة لوليام شكسبير، وهي قصة حقيقية حصلت في القرن الرابع عشر ميلادي في فيرونا، إيطاليا ثم استخدمها شكسبير فيما بعد كقصة لمسرحيته الشهيرة.
وهي تحكي عن روميو الذي ذهب لإحدى الحفلات التنكرية مع أصدقائه، ورأى جولييت ووقع في غرامها على الفور. ثم اكتشفا أنهما من عائلتين متصارعتين. بعد انتهاء الحفلة، ذهب روميو إلى حديقة جولييت ووقف تحت شرفتها وأعلن عن حبه لها، واتفقا على الزواج. وبالفعل، في اليوم الثاني تزوجا (تعارف وحب وزواج بسرعة تسابق الضوء)، لكن لم يعلم أحد عن زواجهما سوى القس وخادمة جولييت. وبعدها، تقدم لخطبة جولييت-المتزوجة سراً من روميو- أحد النبلاء من فيرونا، ووافق والدها وقام بتقديم مراسم الزواج. رفضت جولييت أمر خطوبتها من “بارس” النبيل، ولكن والداها أجبراها على ذلك. اشتكت جولييت للقس فقام بإعطاءها مشروباً يجعلها تبدو كالميتة إن تناولته، وأخبرها بأن تتناوله قبل زواجها بليلة، وسوف يخبر روميو عن الأمر. شربت جولييت المشروب، وظنّ الجميع أنها ماتت، بما فيهم صديق روميو الذي أخبره بالأمر قبل أن تصل رسالة من القس لروميو. واعتقد روميو بأن جولييت زوجته قد ماتت، فأسرع إلى قبرها وشرب جرعة من السم ومات بجانبها. بعدها، استيقظت جولييت ورأت روميو ميّت بجانبها، فقتلت نفسها. عندما اكتشفت العائلتين الأمر، أنهت صراعهما لكن بعد فوات الأوان.
وبالمناسبة، فإن هناك شرفة في فيرونا بإيطاليا تُنسب لجولييت، ويرتادها الكثير من السيّاح.
عنترة وعبلة:
كان عنترة بن شداد من أشهر شعراء الجاهلية من منطقة الجواء – القصيم في السعودية حالياً- وله معلقة مشهورة (والمعلقات هي أشعار كانت تُعلق على جدار الكعبة لشدة جمالها). وهو ابن جارية حبشية، ولكن أباه لم يلحقه بنسبه. أحب ابن عمه عبلة، وتغزّل بها في أشعاره. ومن أشهر القصص التي نقرأها عن عنترة أنه كان في معركة مع قومه، واشتّدت المعركة حتى كادوا أن يخسرون فصرخ أبيه قائلاً له ” كرّ يا عنترة!” أي: فاهجم عليهم. فأجاب عنترة “أوَ يًحسنُ العبدُ الكرّ؟ إنما يُحسن الحلاب والصرّ!” -أي أنه يٌحسن حلب الإبل وربط المتاع- فصاح به “كرّ وأنت حرّ”! فانتصرت قبيلته بني عبس بكرّ عنترة! ومع ذلك تروي لنا كتب التاريخ بأن عنترة تقدم إلى عمه لخطبة عبلة، ولكنه رفض لأنه كان رجلاً أسوداً ابن جارية حبشية وأن عبلة تزوجت رجلاً من أشراف القوم.. وقيل أنه تزوجها بعد عودته منتصراً في المعركة.
من أشهر أشعار عنترة في عبلة- وهو يذكرها في الحرب-:
ولقد ذكرتك والرماح نواهلً.. مني وبيض الهند تقطر من دمي
فوددتُ تقبيل السيوف لأنها.. لمعت كبارق ثغرك المُتبسمِ
قيس وليلى:
قيس بن الملوح، شاعر من أهل نجد. لُقّب بمجنون ليلى لأنه أحب ليلى العامرية وعشقها ولم يستطع الزواج بها لأن أهلها رفضوه زوجاً لها. فهام على وجهه ينشد أشعاره شوقاً لها، وقيل أنه ذهب لمكة ليدعو الله أن يشفيه من حبه لها، وتعلق بأستار الكعبة وقال “اللهم زدني حبّاً بليلى”.
وقيل أنه رأى زوج ليلى فسأله “بربّك هل ضممت إليك ليلى.. قبيل الصبح أو قبّلت فاها؟” فأخبره زوجها “أما إذا حلفتني، فنعم!” فقبض على نارِ كانت موجودة للتدفئة ولم يتركها حتى سقط مغشياً عليه.
فأصبح هائماً على وجهه تارة في الحجاز وتارة في نجد، حتى وُجد ميتاً..
ومن أشهر أشعار قيس في ليلى:
أمرّ على الديار ديار ليلى.. أُقبّل ذا الجدار وذا الجدارا
وما حبُ الديارِ شغفن قلبي.. ولكن، حبُ من سكن الديارا
قيس بن ذريح:
هذا مجنون آخر من الحجاز، أحب لبنى الخزاعية، تزوجها وطلقها لأنها لا تلد ثم تزوجت بعده فهام بها، ولكنها رجعت إليه وتزوجته مرة أخرى ومالبثت أن ماتت، فأصبح مجنوناً ومات بعدها- يقال بعد ثلاثة أيام-.
وهناك قصص كثيرة في التراث العربي عن المحبين وجنونهم، ك كثير عزة، وجميل بثينة، وعروة والعفراء.
وبالمناسبة، يحضرني قول فرانسيس بيكون :]
“قد نلاحظ أنه لا يوجد بين جميع الرجال العظماء وذوي الشأن ( ممن يحضرنا ذكرهم قديما أو حديثا) أي واحد منهم اندفع الى تلك الدرجة المجنونة من الحب، الأمر الذي يظهر أن الأرواح العظيمة والأعمال الجليلة تصد هذه العاطفة وتمنعها”
هل يحتفل المبتعثون بالفالنتاين؟
هذا السؤال يشبه أسئلة “هل يحتفل المبتعثون بأعياد ميلادهم| يوم الأم| يوم الشجرة ..الخ” فلا يعني إطلاقاً كون الشخص مبتعث أنه يحتفل بالفالنتاين. لكن لديهم الخيار في أن يظهروا احتفالهم إن أرادوا دون الخوف من مصادرة أي قطعة ذات لون أحمر ارتدوها أو حملوها يومئذ 😀
هنا اقتباس للدكتور عبدالوهاب المسيري ورأيه في الفالنتاين
أترككم الآن مع صور لي
هذه قطعة من الشوكولاتة على شكل قلب، قاموا بتوزيعها علينا بمناسبة دخول شهر فبراير (شهر الحب).
هذه مكتبة تحوي على قسم امتلأ بالشوكولاتة وهدايا بمناسبة الفالنتاين
وهذه أرفف من المكتبة خُصصت لكتاب عن الحب!
هنا قسم كامل مخصص للكروت بأشكال وعبارات متنوعة
المزيد من الشوكولاتة بمناسبة الفالنتاين، وحتى يُلاحظ أن الكثير من الشركات تقوم بإصدار علب مخصوصة للفالنتاين لوناً وشكلاً.
وبمناسبة الفالنتاين، قلبين أمام متحف الفنون الجميلة في مونتريال- كندا
وهنا مبنى في مونتريال – على اليسار- قام بتغيير أنواره إلى اللون الأحمر احتفالاً بيوم الحب
وهنا طعام كله رومانسية،بطاطا مع خلطة بالثوم، ويُلاحظ وجود القلب عليها بالصدفة! (يا للتجلي!)
نراكم في تدوينة قادمة، وحتى ذلك الحين لا تنسوا أن تتركوا لي تعليقاً على التدوينة إن أُتيحت لكم الفرصة، فتعليق واحد كفيل بأن يجعل قلبي يرفرف كالعصفور في هذا الشتاء القارس هههه
للمزيد من الإطلاع – بعض من المصادر-:
http://www.history.com/topics/valentines-day
http://www.npr.org/2011/02/14/133693152/the-dark-origins-of-valentines-day
http://www.princeton.edu/~achaney/tmve/wiki100k/docs/Cupid.html
http://www.britannica.com/EBchecked/topic/146701/Cupid
http://www.al-hakawati.net/arabic/stories_tales/hakawa10.asp