“مهما فعل الشرق الأوسطيين لكم أو مهما كان موقفكم منهم، فإنهم في النهاية يستنجون بالماء” – رسل بيترز، كوميدي كندي
هذه نكتة قالها الستاند اب كوميديان، رسل بيترز ذو الأصل الهندي في محاولة لشرح أهمية النظافة الشخصية للكنديين بإستخدام الماء عند الإستنجاء. ولعل لدينا من النقائص أمام الغرب مايكفي لجلد الذات، إلا أنني أستطيع أن أجزم وبكل ثقة أنه ليس هناك من يعتني بالنظافة الشخصية مثلنا، خاصة إن قارنا أنفسنا بأبناء العم سام. وبالطبع لكل قاعدة شواذ وهناك من أبناء جلدتنا من يهمل نظافته الشخصية، ولكن شواذ القاعدة في هذه التدوينة أمر لا يهمني.
وفي الحقيقة من أهم المعضلات الصغيرة التي تواجه المبتعثين هي الحمامات العمومية والتي لا تحوي على مرش للماء. فالأمريكيون يستنجون بأوراق التواليت أو بالمناديل. وبعض المبتعثين لا يستخدمون الحمامات العامة وإن كانت نظيفة في الظاهر كصديقتي التي تخاطر بصحة مثانتها و لا تستخدم حمامات الجامعة حتى تعود إلى منزلها وإن طال مكوثها خارج المنزل. والبعض يحمل معه عدة يتجهز بها من أجل دخوله للحمام، كقارورة مياه بلاستيكية فارغة يقوم بتعبتئها بالماء ليستخدمها في الإستنجاء، ومناديل معقمة يمسح بها كرسي الحمام، وورقة مخصصة يضعها على كرسي الحمام قبل الجلوس.
والكثير من المبتعثين قد وضعوا شطافات المياه في حمامات منازلهم والتي قاموا بجلبها من السعودية، أو بشرائها من محلات السباكة. والبعض لم يستطع تركيب الشطاف لسبب أو لآخر، فاكتفى بشراء مرش للزرع (إبريق لسقي الزرع) يستخدمه عند الإستنجاء.
وفي العادة عندما تكون هناك رائحة عطر زكية وقوية في مكان ما، فإنه غالباً ما يكون قد مر من هذا المكان شخص من إحدى دول الخليج، إذ أننا نستخدم العطور بكل سخاء. وأذكر قصة مشهورة أن أحد المعاهد اشتكت من رائحة طالب سعودي، ليكتشفوا بعدها أن ما يستخدمه هو أجود أنواع العود، ولكن الأجانب لا يحبون الروائح الثقيلة خاصة في فترة الصباح.
وبالحديث عن الروائح الكريهة، تناسى هؤلاء الأعاجم الذين لا تعجبهم رائحة العود الطيبة أمر رائحة البول في الأماكن العامة. فبعض الأماكن العامة التي يكثر فيها المتسولون تضج برائحة البول، كبعض المحطات في مترو الأنفاق على سبيل المثال، وتزداد هذه الرائحة وتقل تبعاً للمناسبات أو لبعض المواسم. كما تنتشر رائحة الخمور الكريهة التي تصدر من بعض المطاعم التي تُعد غاية في الفخامة والتي تقدم الجبن معها. ويصدر عن أفواه شاربي الخمور رائحة كريهة، كما يصدر عن بعضهم رائحة مزعجة لإهمالهم النظافة الشخصية. وأذكر أن أحدهم في أحد المجموعات الدراسية اعتذر لنا مقدماً عن الأصوات التي من الممكن أن تصدر عنه لأنه أكل نوعاً من الطعام، والصينيون بالمناسبة يحتلون الصدارة في إهمال النظافة الشخصية.
وكثير من النساء لا يقمن بإزالة شعر أجسادهن عنهن- حتى شعر المناطق الحساسة- لإعتقادهن أن ذلك جزء منهن ومن الطبيعة، وليس عليهن فعل ذلك ليحصلن على إعجاب الرجل. وكثير من مشاهير هوليوود، ككيت ونسلت وكاميرون دياز يرفضن إزالة شعر أجسادهن ويدعين بأن مايفعلنه هو الأنوثة بعينها.
والملاحظ هنا وجود الغسالات العمومية في بعض المباني السكنية، إذ أحياناً لا تتوفر في كل شقة غسالة ملابس خاصة بها، وستسرح حينها بخيالك في مدى نظافة الملابس التي وُضعت في هذه الغسالات العمومية ومدى نظافة أصحابها.
والمبتعثون يبحثون عن أماكن نظيفة للسكن فيها، والمبتعث الذي يحصل على شقة كان يسكن فيها متزوجون سعوديون يحصل عادة على شقة نظيفة. أخبرتنا الأستاذة الكندية في المعهد عندما كنا نتحدث عن الصورة النمطية عن كل شعب، بأن الشعب السعودي مهووس بالنظافة. وأن هذه الصورة النمطية تشكلت لديهم من خلال السعوديين والسعوديات الدارسين في المعهد. ضحكت حينها وأخبرتها بأن صديقتي المبتعثة تأخذ شرشفاً معها عندما تسافر حتى تضعه على سرير الفندق، حتى وإن نزلت في أغلى الفنادق وذلك لهوسها بالنظافة ولتفكيرها المستمر بمدى نظافة الأشخاص الذين ناموا مسبقاً على هذا السرير!
ومن العجيب أن الشعب السعودي هو شعب ذو ثقافة جماعية تبتعد عن الفردانية الغربية -فهو شعب يعتقد بأهمية الجماعة في كثير من الأمور الدينية كالنصيحة والصلاة وفي غير الأمور الدينية كالإعتزاز بالقبيلة والعائلة- حتى إذا وصل الأمر للنظافة أصبح شخصاً فردانياً تهمه النظافة الشخصية ونظافة منزله فقط ولا يُلقي بالاً لنظافة مايقع خارج حدود ممتلكاته ! وانظر إلى الحدائق والحمامات العامة حتى تفهم ما أقصد.
نراكم في تدوينة قادمة بإذن الله.
اعجبتني النقطة الأخيرة؛ وكأنها تباين يوضح صورة مؤسفة عن حالنا. ولكن لا اختلف معك في كوننا مجتمع يحب النظافة، وهو شيء ألاحظه في زملائي المبتعثين.
مقال ممتاز كالعادة.
كوني في منزل مر عليه مجموعة كبيرة من الطلاب من مختلف الجنسيات لاحظت اننا السعوديين عندنا هوس نظافة غير طبيعي. مدة الاستحمام في المنزل الحالي يجب الا تتجاوز نصف ساعة. تقول “كوني” ربة البيت: “جسم الانسان ما يحتاج كميات كبيرة من الصابون خاصة اذا ما كان في نشاط رياضي او كان الجو حار، المناطق اللتي يجب الاهتمام بها هي الثالوث المقدس، الابطين والعورة”. هي وضحت لي ايضا سبب عدم حلق الشعر في المناطق الخاصة. تعلل ذلك بانه جزء من كون الشخص بالغ وان الأجواء باردة ولا يوجد اي خطورة صحية. كذلك هي تتفهم سبب كون الدين الاسلامي يأمر بذلك بسبب الأجواء الحارة.
بالنسبة للعطور السبب الأكبر في منعه هو الحساسية. الكثير يعانون من التهابات حادة بسبب العطور. بعد سنة من عدم استخدام اي عطر، أصبت بنوبة سعال حادة حين دخل احد الشباب السعوديين لقاعة الفصل وتفهمت أسباب المنع.
في كل الأحوال الوسطية شيء جيد .
فعلًا أنا كمبتعثة أشهد أن نظافتنا تفوق الأجانب بمراحل. من حسن حظي الساكنين السابقين لشقتي كانوا عربًا (توجد لدينا شطافة مركبة في الحمام وانت بكرامة كما انهم نسوا بعض العود في درج المطبخ)
أكاد أجزم أن بعض زميلاتي لا يستحممن أكثر عن مرة في الاسبوع (شعرهن يثبت ذلك) وأستطيع بسهولة ملاحظة فرق نظافتهن أوقات الضغط / الاسترخاء الدراسي.
بالمقابل كما ذكرتِ نظافتنا شخصية لا تمتد إلى المجتمع المحيط بنا للاسف 😦
تدوينة دقيقة جدًا 👍🏻
أعجبني الموضوع، شكرا جزيلا لك
مقال دقيق….كما أنصح بمشاهدة خواطر 6 للمبدع الأستاذ أحمد الشقيري – الحلقة 7 – نظافة زمان
تدوينة موضوعية بحته، أعجبني ذلك 3>
سأقرأ هنا كثيرًا، كما لو كنت مبتعثة.
انا سوداني وفي السودان داخل الاسرة الواحدة ممنوع اي شخص يشرب بغلاص ليس له ونحن اخوان ولكن لكل شخص فينا كوب غلاص خاص به ولا ندخل حمامات عامة مهما كنت محتاجها الي ان اصل الي البيت وعندما نسافر اهم شيئ ناخذ معنا شرشف خاص بسرير في الفندق او اي مكان وغير هذا المسلمين يقومون بالوضؤ للصلاة خمس مرت في اليوم انا اعتقد ان الامريكين والغرب اقذر البشر اتعجب نحن نجلس في الحمام 20 دقيقة للغسيل بالماء لتكون نظيف وهو يمسح بمنديل قذرته ويبقه الكثير من القذارة عالق في جسمه امر مقذذ لا اعلم هل هناك بشر يتحمل تلك القذارة
بالتأكيد ليس هناك مجال للمقارنه , نحن بنعمة عظيمة
شكرا لك .
انا جلست شهرين في بلد اوروبي والله اني اذا انحشرت معهم بمكان مزدحم اني اشم ريحة خياس ميب طبيعيه ريحة براز وانتم بكرامه وش ذا القرف ياعالم يازين الاسلام بس والله انه نعمه
تدوينة جميلة. شكرا